المصحف ق الحق الالهي

79 مصاحف روابط 9 مصاحف

تحديث قانون الحق الالهي

فاضي

7

الاثنين، 13 أغسطس 2018

ما هو الميزان وكيف وضعه الله تعالي





إن الله تعالي عدل لذلك وضع الميزان ورفع السماء

والله تعالي وضع الميزان لذلك علم القران وخلق الإنسان،علمه البيان وجعل في تيسير الشمس والقمر حسبان
أي يجريان بحساب ومنازل لا يعدوانها ، قاله ابن عباس وقتادة لذلك فدقة حسابات منازلهما ودقتهما وانعدام العدوان بينهما صارت قوانين لحساب الأوقات بدقة في أول زمان الخلق كما في آخر زمانه حتي يقضي سبحانه برفع الميزان فحينها يكون دمار الأرض والسموات وما بينهما وكل شيئ يهلك إلا وجهه سبحانه


لذا قال ابن زيد وابن كيسان : يعني بهما تحسب الأوقات والآجال ، لولا الليل والنهار والشمس والقمر لم يدر أحد كيف يحسب شيئا . وقال الضحاك : يجريان بقدر ، والحسبان يكون مصدر حسبت حسابا وحسبانا ، مثل الغفران والكفران ، والرجحان والنقصان ، وقد يكون جمع الحساب كالشبهان والركبان .

الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6) وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9) وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10) فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (11) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (12) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (16)
-(وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85) بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (86) قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)/سورة هود
-(وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) /سورة الأنعام
-( اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (18) /سورة الشوري
-(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (26) /سورة الحديد
-[[[الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ( 47 ) )

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ ) الْعَدْلَ وَهُوَ " الْقِسْطَ " وَجَعَلَ الْقِسْطَ وَهُوَ مُوَحَّدٌ مِنْ نَعْتِ الْمَوَازِينِ ، وَهُوَ جَمْعٌ لِأَنَّهُ فِي مَذْهَبِ عَدْلٍ وَرِضًا وَنَظَرٍ . وَقَوْلُهُ ( لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ) يَقُولُ : لِأَهْلِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ وَرَدَ عَلَى اللَّهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ خَلْقِهِ ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يُوَجِّهُ مَعْنَى ذَلِكَ إِلَى " فِي " كَأَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَهُ : وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَقَوْلُهُ ( فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ) يَقُولُ : فَلَا يَظْلِمُ اللَّهُ نَفْسًا مِمَّنْ وَرَدَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ شَيْئًا بِأَنْ يُعَاقِبَهُ بِذَنْبٍ لَمْ يَعْمَلْهُ أَوْ يَبْخَسْهُ ثَوَابَ عَمَلٍ عَمِلَهِ ، وَطَاعَةٍ أَطَاعَهُ بِهَا ، وَلَكِنْ يُجَازِي الْمُحْسِنَ بِإِحْسَانِهِ ، وَلَا يُعَاقِبُ مُسِيئًا إِلَّا بِإِسَاءَتِهِ .

وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : ثَنِي أَبِي ، قَالَ : ثَنِي عَمِّي ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ) . . . إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ ( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ) يَعْنِي بِالْوَزْنِ : الْقِسْطُ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ فِي الْأَعْمَالِ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ، فَمَنْ أَحَاطَتْ حَسَنَاتُهُ بِسَيِّئَاتِهِ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ، يَقُولُ : أَذْهَبَتْ حَسَنَاتُهُ سَيِّئَاتِهِ ، وَمَنْ أَحَاطَتْ سَيِّئَاتُهُ بِحَسَنَاتِهِ فَقَدْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ وَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ، يَقُولُ : أَذْهَبَتْ سَيِّئَاتُهُ حَسَنَاتِهِ .

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ) قَالَ : إِنَّمَا هُوَ مَثَلٌ ، كَمَا يَجُوزُ الْوَزْنُ كَذَلِكَ يَجُوزُ الْحَقُّ ، قَالَ الثَّوْرِيُّ : قَالَ لَيْثٌ عَنْ مُجَاهِدٍ ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ ) قَالَ : الْعَدْلَ . [ ص: 452 ] وَقَوْلُهُ ( وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ) يَقُولُ : وَإِنْ كَانَ الَّذِي مَنْ عَمِلَ الْحَسَنَاتِ ، أَوْ عَلَيْهِ مِنَ السَّيِّئَاتِ وَزْنَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا : يَقُولُ : جِئْنَا بِهَا فَأَحْضَرْنَاهَا إِيَّاهُ .

كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ ( وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ) قَالَ : كَتَبْنَاهَا وَأَحْصَيْنَاهَا لَهُ وَعَلَيْهِ .

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ ( وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ) قَالَ : يُؤْتَى بِهَا لَكَ وَعَلَيْكَ ، ثُمَّ يَعْفُو إِنْ شَاءَ أَوْ يَأْخُذُ ، وَيَجْزِي بِمَا عَمِلَ لَهُ مِنْ طَاعَةٍ ، وَكَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : ثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ ( وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ) قَالَ : جَازَيْنَا بِهَا .

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ : ثَنَا سُفْيَانُ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ( وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ) قَالَ : جَازَيْنَا بِهَا ، وَقَالَ أَتَيْنَا بِهَا ، فَأُخْرِجَ قَوْلُهُ بِهَا مَخْرَجَ كِنَايَةِ الْمُؤَنَّثِ ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذَلِكَ قَوْلُهُ مِثْقَالُ حَبَّةٍ ، لِأَنَّهُ عَنَى بِقَوْلِهِ بِهَا الْحَبَّةَ دُونَ الْمِثْقَالِ ، وَلَوْ عَنَى بِهِ الْمِثْقَالَ لَقِيلَ بِهِ ، وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ مُجَاهِدًا إِنَّمَا تَأَوَّلَ قَوْلَهُ ( أَتَيْنَا بِهَا ) عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ ، لِأَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ ذَلِكَ ( آتَيْنَا بِهَا ) بِمَدِّ الْأَلِفِ . وَقَوْلُهُ : ( وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) يَقُولُ : وَحَسَبُ مَنْ شَهِدَ ذَلِكَ الْمَوْقِفَ بِنَا حَاسِبَيْنِ ، لِأَنَّهُ لَا أَحَدَ أَعْلَمُ بِأَعْمَالِهِمْ وَمَا سَلَفَ فِي الدُّنَا مِنْ صَالِحٍ أَوْ سَيِّئٍ مِنَّا . ]]]
ختر كتاباً للتفسير:
- تفسير القرطبي- تفسير ابن كثير- تفسير الطبري- تفسير البغوي
- التحرير والتنوير- التفسير الكبير المسمى البحر المحيط- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن- فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية- التفسير الكبير- تفسير الألوسي- تفسير الماوردي- الدر المنثور- تفسير الكشاف- تفسير البيضاوي- تفسير النسفي- تفسير ابن عطية- تفسير أبي السعود- تفسير السعدي- في ظلال القرآن- تفسير الجلالين- نظم الدرر في تناسب الآيات والسور- الدر المصون- زاد المسير- تفسير القاسمي- إعراب القرآن للنحاس

فيمكن تفصيل الكلام في الميزان في مسائل:
الأولى: ذكر الميزان في القرآن، قال تعالى: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة) [الأنبياء: 47] قال في شرح الطحاوية: يحتمل أن تكون ثمة موازين متعددة، توزن فيها الأعمال، ويحتمل أن يكون المراد الموزونات، جمع باعتبار تنوع الأعمال.

وقال تعالى : (فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون) [المؤمنون: 102-103].

ذكر الميزان في السنة:
👥من ذلك ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة، لا يزن عند الله جناح بعوضة. وقال اقرؤوا إن شئتم: (فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً)".

👥 وفيهما أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "كلمتان خفيفتان على اللسان، حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم".

👥 وروى أحمد في المسند عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله سيخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعةً وتسعين سجلاً، كل سجل مدّ البصر، ثم يقول له أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمتك كتبتي الحافظون؟ قال: لا يارب، فيقول ألك عذر أو حسنة؟ فيبهت الرجل، فيقول: لا، يارب، فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنة واحدة، لا ظلم اليوم عليك، فتخرج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله. فيقول أحضروه، فيقول: يارب وما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فقال: إنك لا تظلم، قال: فتوضع السجلات في كفه، والبطاقة في كفة، قال: فطاشت السجلات، ولا يثقل شيء بسم الله الرحمن الرحيم".

👥 في صفة الميزان: فصفة الميزان كما دلت عليه الأحاديث أن له كفتين حسيتين مشاهدتين توزن فيه الصحائف، وربما وزن الشخص نفسه، أو أعماله، وكل ذلك مذكور في الأحاديث.
حقيقة الميزان يوم القيامة
خطبة عن الميزان يوم القيامة
هل الميزان له لسان
ما الذي يوزن يوم القيامة
اعمال تثقل الميزان يوم القيامة
نصب الموازين يوم القيامة
----------------------------
ما هو الميزان يوم القيامة؟
بعد الحساب والموقف العصيب، تنصب الموازين لوزن هذه الأعمال والصحف التي أُخذت، فمن راجحٍ عمله في الميزان، ومن مرجوح في الميزان - نسأل الله الإعانة -.
يقول القرطبي رحمه الله: إذا انقضى الحساب كان بعده وزن الأعمال؛ لأن الوزن للجزاء فينبغي أن يكون بعد المحاسبة، فإن المحاسبة لتقدير الأعمال، والوزن لإظهار مقاديرها؛ ليكون الجزاء بحسبها[1].
ما هو الميزان؟
الميزان لغة: ما تقدر به الأشياء خفة، وثقلًا.
وشرعًا: هو ميزان حقيقي، له كفتان يضعه الله - عزَّ وجل- يوم القيامة؛ لوزن أعمال العباد، وهو ميزان دقيق، لا يزيد ولا ينقص، ولا يَقْدِرُ قَدْرَ هذا الميزان؛ إلا الله تعالى.
الميزان ثابت بالكتاب، والسنة، والإجماع:
فمن الكتاب: قوله تعالى: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء:٤٧]، وهذه الآية تدل على دقة الميزان
ومن السُّنة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه، قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: "كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ"[2].
وأجمع السلف رحمهم الله على ثبوت ذلك.
الميزان حسي له كفتان حسيتان:
ويدل على ذلك: حديث البطاقة، حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا، كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَقُولُ أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟ فَيَقُولُ: لَا، يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ، فَيَقُولُ: لَا، يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً، فَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ، فَتَخْرُجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولُ: احْضُرْ وَزْنَكَ، فَيَقُولُ يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ، مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ؟ فَقَالَ: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ، قَالَ: "فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كَفَّةٍ، وَالْبِطَاقَةُ فِي كَفَّةٍ، فَطَاشَتْ السِّجِلَّاتُ، وَثَقُلَتْ الْبِطَاقَةُ فَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ"[3].
قال الألباني رحمه الله: " والأحاديث في ذلك متضافرة، إن لم تكن متواترة ".
وموطن الشاهد من الحديث قوله: "فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كَفَّةٍ، وَالْبِطَاقَةُ فِي كَفَّةٍ"، ففي هذا دلالة على أن الكفتين حسِّيتان.
مستلة من: "فقه الانتقال من دار الفرار إلى دار القرار"
[1] انظر: التذكرة (ص309).
[2] رواه البخاري برقم (7563)، رواه مسلم برقم (2694).
[3] رواه أحمد برقم (6994)، رواه الترمذي برقم (2639)، رواه ابن ماجه برقم (4300)، وصححه ابن حبان، والحاكم، ووافقه الذهبي، وحسنه والترمذي، وصححه الألباني في الصحيحة (135).

روابط من الالوكة متعلقة بالميزان الإيمان بالميزان والصراط
أثقل عمل في الميزان!
الخلاف في الميزان
الإيمان بالميزان والأعمال التي تثقله
الميزان لغة واصطلاحا وخلاف العلماء فيه
نصوص وفهوم (3) {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} ميزان أم موازين؟
أعمال تثقل الميزان يوم القيامة
مخطوطة رسالة في السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله
ميزان يوم القيامة (الفلاح والخسران)
الإيمان بالميزان، وما هو الذي يوزن يوم القيامة؟
كن من أفضل العباد يوم القيامة
جماليات يوم القيامة (1)
الحكمة من اليوم الآخر
يوم الحمد ( يوم من أيامنا
من أشد الخلق عذابا يوم القيامة؟
------------------------------
 12- الميزان:
الميزان: هو ميزان حقيقي له لسان وكفتان، يوزن به العباد وأعمالهم يوم القيامة.

حجم الميزان:
الميزان لا يَقْدر قَدْره إلا الله عز وجل، وهو ميزان عظيم لو وضعت فيه السماوات والأرض لوسعهن.
دقة الميزان:
جعل الله الميزان يوم القيامة حَكَماً بين الناس؛ إظهاراً لكمال العدل الإلهي، وهو ميزان دقيق لا يزيد ولا ينقص مثقال ذرة.
قال الله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [47]} [الأنبياء: 47].
وقال الله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ [6] فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ [7] وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [8]} [الزلزلة: 6- 8].

نصب الموازين:
توضع الموازين يوم القيامة لحساب الخلائق، ويتقدم الناس واحداً واحداً للحساب، فيحاسبهم ربهم، فإذا تم الحساب كان بعده وزن الأعمال.
قال الله تعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [8] وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ [9]} [الأعراف: 8- 9].
وقال الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ [6] فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ [7] وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ [8] فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ [9] وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ [10] نَارٌ حَامِيَةٌ [11]} [القارعة: 6- 11].
وَعَنْ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله: «يُدْنَى المُؤْمِنُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ، فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُ؟ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ أَعْرِفُ قَالَ: فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَإِنِّي أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ، فَيُعْطَى صَحِيفَةَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الكُفَّارُ وَالمُنَافِقُونَ فَيُنَادَى بِهِمْ عَلَى رُءُوسِ الخَلاَئِقِ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى الله». متفق عليه.
 كيفية الوزن:
الذي يوزن يوم القيامة هو العامل، وعمله، وصحف أعماله.
توزن أعمال العباد يوم القيامة من حسنات وسيئات.
فتوضع الحسنات في كفة الميزان، وتوضع السيئات في الكفة الأخرى، فمن رجحت حسناته بسيئاته أفلح ونجا، ومن رجحت سيئاته بحسناته خسر وهلك، ومن تساوت حسناته وسيئاته فهؤلاء أهل الأعراف، وهم في الجنة.
قال الله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا [103] الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا [104] أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا [105]} [الكهف: 103- 105].
وقال الله تعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [8] وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ [9]} [الأعراف: 8- 9].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ الله قَالَ: «إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَزِنُ عِنْدَ الله جَنَاحَ بَعُوضَةٍ. وَقَالَ: اقْرَءُوا إِن شِئْتُم: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}». متفق عليه.
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ الله: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ الله العَظِيمِ». متفق عليه.
وَعَنْ أَبي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ شَيْءٍ أَثقَلُ فِي المِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ». أخرجه أبو داود والترمذي.
 13- الحوض:
اسم الحوض:
عَنْ أنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «بَيْنَمَا أنَا أسِيرُ فِي الجَنَّةِ، إِذَا أنَا بِنَهَرٍ، حَافَتَاهُ قِباب الدُّرِّ المُجَوَّفِ، قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ عليه السلام قال: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أعْطَاكَ رَبُّكَ، فَإِذَا طِينُهُ، أوْ طِيبُهُ، مِسْكٌ أذْفَرُ». متفق عليه.

صفة الحوض:
عَنْ عَبْدِالله بْن عَمْروٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ، مَاؤُهُ أبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَرِيحُهُ أطْيَبُ مِنَ المِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلا يَظْمَأُ أبداً». متفق عليه.
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! مَا آنِيَةُ الحَوْضِ؟ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ! لآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ وَكَوَاكِبِهَا أَلاَ فِي اللَّيْلَةِ المُظْلِمَةِ المُصْحِيَةِ، آنِيَةُ الجَنَّةِ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا لَمْ يَظْمَأْ آخِرَ مَا عَلَيْهِ، يَشْخَبُ فِيهِ مِيزَابَانِ مِنَ الجَنَّةِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ، عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ، مَا بَيْنَ عَمَّانَ إِلَى أَيْلَةَ، مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ العَسَلِ». أخرجه مسلم.

سعة الحوض:
عَنْ أنَس بْن مَالِكٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله قال: «إِنَّ قَدْرَ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ أيْلَةَ وَصَنْعَاءَ مِنَ اليَمَنِ، وَإِنَّ فِيهِ مِنَ الأبَارِيقِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ». متفق عليه.
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «مَا بَيْنَ نَاحِيَتَيْ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَالمَدِينَةِ». أخرجه مسلم.

مَنْ يشرب من الحوض:
يشرب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة كل من آمن به ومات على ذلك.
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ، مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أبَداً، لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أقْوَامٌ أعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ». متفق عليه.
وَعَنْ عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ». متفق عليه.

من يطرد عن الحوض:
يطرد عن الحوض كل كافر، وكل من ارتد عن الإسلام.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ، أنَّ رَسُولَ الله قال: «يَرِدُ عَلَيَّ يَوْمَ القِيَامَةِ رَهْطٌ مِنْ أصْحَابِي، فَيُجْلَوْنَ عَنِ الحَوْضِ، فَأقُولُ: يَا رَبِّ أصْحَابِي؟ فَيَقُولُ: إِنَّكَ لا عِلْمَ لَكَ بِمَا أحْدَثُوا بَعْدَكَ، إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا عَلَى أدْبَارِهِمُ القَهْقَرَى». متفق عليه.
وَعَنْ أسْمَاءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ رَضيَ اللهُ عَنْهُما قالتْ: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي عَلَى الحَوْضِ حَتَّى أنْظُرَ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ، وَسَيُؤْخَذُ نَاسٌ دُونِي، فَأقُولُ: يَا رَبِّ مِنِّي وَمِنْ أُمَّتِي، فَيُقال: هَلْ شَعَرْتَ مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ، وَالله مَا بَرِحُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أعْقَابِهِمْ». متفق عليه.
الرهط: من الثلاثة إلى العشرة.

14- الصراط:
الصراط: هو الجسر المنصوب على ظهر جهنم ليعبر المؤمنون عليه إلى الجنة.

صفة الصراط:
عَنْ أبي هريرة أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ في حَديثِ الرؤيةِ: «... وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ، فَأكُونُ أنَا وَأُمَّتِي أوَّلَ مَنْ يُجِيزُ، وَلا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلا الرُّسُلُ، وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللهمَّ! سَلِّمْ، سَلِّمْ. وَفِي جَهَنَّمَ كَلالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، هَلْ رَأيْتُمُ السَّعْدَانَ؟». قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ الله. قال: «فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أنَّهُ لا يَعْلَمُ مَا قَدْرُ عِظَمِهَا إِلا اللهُ، تَخْطَفُ النَّاسَ بِأعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمُ المُؤْمِنُ بَقِيَ بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمُ المُجَازَى حَتَّى يُنَجَّى». متفق عليه.

الذين يمرون على الصراط:
الذين يمرون على الصراط هم المؤمنون.
أما الكفار والمشركون فتتبع كل فرقة منهم ما كانت تعبد في الدنيا من الأصنام والأوثان والشياطين وغيرها من الآلهة الباطلة، فترد النار مع معبودها أولاً.
ثم يبقى بعد ذلك من كان يعبد الله وحده في الظاهر، سواء كان صادقاً أم منافقاً.
وهؤلاء الذين ينصب لهم الصراط.
ثم يتميز المنافقون عن المؤمنين بامتناعهم عن السجود، وانقطاعهم عن المؤمنين في الظلمة، وَتَمَيُّز المؤمنين عنهم بالنور، فيعود المنافقون إلى الوراء إلى النار.
ويعبر المؤمنون الصراط إلى الجنة، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا وإياكم وعموم المسلمين منهم.
قال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا [71] ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا [72]} [مريم: 71- 72].
وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ [96] إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ [97] يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ [98]} [هود: 96- 98].
وَعَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ نَاساً فِي زَمَنِ رَسُولِ الله قَالُوا: يَا رَسُولَ الله! هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قال رَسُولُ الله: «نَعَمْ». قال: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ صَحْواً لَيْسَ مَعَهَا سَحَابٌ؟ وَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ صَحْواً لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ؟». قَالُوا: لا، يَا رَسُولَ الله!. قال: «مَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ القِيَامَةِ إِلا كَمَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ أحَدِهِمَا، إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ أذَّنَ مُؤَذِّنٌ: لِيَتَّبِعْ كُلُّ أمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ. فَلا يَبْقَى أحَدٌ، كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ الله سُبْحَانَهُ مِنَ الأَصْنَامِ وَالأنْصَابِ إِلا يَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ. حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، وَغُبَّرِ أهْلِ الكِتَابِ. فَيُدْعَى اليَهُودُ فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ الله، فَيُقَالُ: كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلا وَلَدٍ، فَمَاذَا تَبْغُونَ؟ قَالُوا: عَطِشْنَا يَا رَبَّنَا! فَاسْقِنَا، فَيُشَارُ إِلَيْهِمْ: ألا تَرِدُونَ؟ فَيُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ كَأنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضاً، فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ. ثُمَّ يُدْعَى النَّصَارَى، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ المَسِيحَ ابْنَ الله، فَيُقَالُ لَهُمْ: كَذَبْتُمْ، مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ صَاحِبَةٍ وَلا وَلَدٍ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَاذَا تَبْغُونَ؟ فَيَقُولُونَ: عَطِشْنَا، يَا رَبَّنَا! فَاسْقِنَا، قال فَيُشَارُ إِلَيْهِمْ: ألا تَرِدُونَ؟ فَيُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ كَأنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضاً، فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ. حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ تَعَالَى مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، أتَاهُمْ رَبُّ العَالَمِينَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي أدْنَى صُورَةٍ مِنِ الَّتِي رَأوْهُ فِيهَا. قال: فَمَا تَنْتَظِرُونَ؟ تَتْبَعُ كُلُّ أمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، قَالُوا: يَا رَبَّنَا! فَارَقْنَا النَّاسَ فِي الدُّنْيَا أفْقَرَ مَا كُنَّا إِلَيْهِمْ وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ. فَيَقُولُ: أنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِالله مِنْكَ، لا نُشْرِكُ بِالله شَيْئاً مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلاثاً حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ لَيَكَادُ أنْ يَنْقَلِبَ. فَيَقُولُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ فَتَعْرِفُونَهُ بِهَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ. فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ، فَلا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ؟ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ إِلا أذِنَ اللهُ لَهُ بِالسُّجُودِ، وَلا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ اتِّقَاءً وَرِيَاءً إِلا جَعَلَ اللهُ ظَهْرَهُ طَبَقَةً وَاحِدَةً، كُلَّمَا أرَادَ أنْ يَسْجُدَ خَرَّ عَلَى قَفَاهُ. ثُمَّ يَرْفَعُونَ رؤُوسَهُمْ، وَقَدْ تَحَوَّلَ فِي صُورَتِهِ الَّتِي رَأوْهُ فِيهَا أوَّلَ مَرَّةٍ، فَقَالَ: أنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أنْتَ ربُّنا. ثُمَّ يُضْرَبُ الجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ، وَتَحِلُّ الشَّفَاعَةُ، وَيَقُولُونَ: اللهمَّ! سَلِّمْ، سَلِّمْ». قِيلَ: يَا رَسُولَ الله! وَمَا الجِسْرُ؟ قال: «دَحْضٌ مَزِلَّةٌ، فِيهِ خَطَاطِيفُ وَكَلالِيبُ وَحَسَكٌ، تَكُونُ بِنَجْدٍ فِيهَا شُوَيْكَةٌ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ، فَيَمُرُّ المُؤْمِنُونَ، كَطَرْفِ العَيْنِ وَكَالبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَالطَّيْرِ وَكَأجَاوِيدِ الخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ. حَتَّى إِذَا خَلَصَ المُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! مَا مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ بِأشَدَّ مُنَاشَدَةً؟، فِي اسْتِقْصَاءِ الحَقِّ، مِنَ المُؤْمِنِينَ؟ يَوْمَ القِيَامَةِ لإِخْوَانِهِمِ الَّذِينَ فِي النَّارِ. يَقُولُونَ: رَبَّنَا! كَانُوا يَصُومُونَ مَعَنَا وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ. فَيُقَالُ لَهُمْ: أخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النَّارِ، فَيُخْرِجُونَ خَلْقاً كَثِيراً قَدْ أخَذَتِ النَّارُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ. ثُمَّ يَقُولُونَ: رَبَّنَا! مَا بَقِيَ فِيهَا أحَدٌ مِمَّنْ أمَرْتَنَا بِهِ، فَيَقُولُ: ارْجِعُوا، فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ خَلْقاً كَثِيراً. ثُمَّ يَقُولُونَ: رَبَّنَا! لَمْ نَذَرْ فِيهَا أحَداً مِمَّنْ أمَرْتَنَا. ثُمَّ يَقُولُ: ارْجِعُوا، فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ نِصْفِ دِينَارٍ مِنْ خَيْرٍ فَأخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ خَلْقاً كَثِيراً، ثُمَّ يَقُولُونَ: رَبَّنَا! لَمْ نَذَرْ فِيهَا مِمَّنْ أمَرْتَنَا أحَداً، ثُمَّ يَقُولُ: ارْجِعُوا، فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ فَأخْرِجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ خَلْقاً كَثِيراً، ثُمَّ يَقُولُونَ: رَبَّنَا! لَمْ نَذَرْ فِيهَا خَيْراً». وَكَانَ أبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ يَقُولُ: إِنْ لَمْ تُصَدِّقُونِي بِهَذَا الحَدِيثِ فَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [40]} [النساء: 40]. فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: «شَفَعَتِ المَلائِكَةُ وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ وَشَفَعَ المُؤْمِنُونَ، وَلَمْ يَبْقَ إِلا أرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْماً لَمْ يَعْمَلُوا خَيْراً قَطُّ، قَدْ عَادُوا حُمَماً، فَيُلْقِيهِمْ فِي نَهَرٍ فِي أفْوَاهِ الجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ نَهَرُ الحَيَاةِ، فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، ألا تَرَوْنَهَا تَكُونُ إِلَى الحَجَرِ أوْ إِلَى الشَّجَرِ، مَا يَكُونُ إِلَى الشَّمْسِ أُصَيْفِرُ وَأُخَيْضِرُ، وَمَا يَكُونُ مِنْهَا إِلَى الظِّلِّ يَكُونُ أبْيَضَ؟». فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله! كَأنَّكَ كُنْتَ تَرْعَى بِالبَادِيَةِ. قال: «فَيَخْرُجُونَ كَاللُّؤْلُؤِ فِي رِقَابِهِمُ الخَوَاتِمُ، يَعْرِفُهُمْ أهْلُ الجَنَّةِ، هَؤُلاءِ عُتَقَاءُ الله الَّذِينَ أدْخَلَهُمُ اللهُ الجَنَّةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ وَلا خَيْرٍ قَدَّمُوهُ، ثُمَّ يَقُولُ: ادْخُلُوا الجَنَّةَ فَمَا رَأيْتُمُوهُ فَهُوَ لَكُمْ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا! أعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أحَداً مِنَ العَالَمِينَ، فَيَقُولُ: لَكُمْ عِنْدِي أفْضَلُ مِنْ هَذَا، فَيَقُولُونَ: يَا رَبَّنَا! أيُّ شَيْءٍ أفْضَلُ مِنْ هَذَا؟ فَيَقُولُ: رِضَايَ، فَلا أسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أبَداً». متفق عليه.

صفة المرور على الصراط:
يمر المؤمنون والمنافقون على الصراط، فيسقط المنافقون في النار، ويعبر المؤمنون الصراط إلى الجنة.
قال الله تعالى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [12]} [الحديد: 12].
وقال الله تعالى: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ [13] يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ [14] فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [15]} [الحديد: 13- 15].

وقت المرور على الصراط:
يكون المرور على الصراط بعد الحساب، ووزن الأعمال، والفراغ من كل ذلك، ثم يضطر الناس إلى المرور على الصراط.

-----------------



فصل ( إنكار المعتزلة للميزان والرد عليهم )

وقد نقل القرطبي عن بعضهم أن الميزان له كفتان عظيمتان ، لو وضعت السماوات والأرض في كل واحدة منهما لوسعتها ، فأما كفة الحسنات فنور ، وأما الأخرى فظلمة ، وهو منصوب بين يدي العرش ، وعن يمينه الجنة ، وكفة النور من ناحيتها ، وعن يساره جهنم ، وكفة الظلمة من ناحيتها .

قال : وقد أنكرت المعتزلة الميزان ، وقالوا : الأعمال أعراض لا جرم لها ، [ ص: 514 ] فكيف توزن قال : وقد روي عن ابن عباس : أن الله يخلق الأعراض أجساما ، فتوزن . قال : والصحيح أنه توزن كتب الأعمال . قلت : قد تقدم ما يدل على الأول ، وعلى الثاني ، وعلى أن العامل نفسه يوزن مع عمله .

قال القرطبي : وقد روي عن مجاهد ، والضحاك ، والأعمش ، أن الميزان هنا بمعنى العدل والقضاء ، وذكر الوزن والميزان ضرب مثل ، كما يقال : هذا الكلام في وزن هذا .

قلت : لعل هؤلاء إنما فسروا هذا عند قوله تعالى : والسماء رفعها ووضع الميزان ألا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان [ الرحمن : 7 - 9 ] . فها هنا المراد بالميزان أنه تعالى وضع العدل بين عباده ، وأمر عباده أن يتعاملوا به فيما بينهم ، فأما الميزان الموضوع يوم القيامة فقد تواترت بذكره الأحاديث كما رأيت ، وهو ظاهر القرآن العظيم : فمن ثقلت موازينه [ الأعراف : 8 ] . ومن خفت موازينه [ الأعراف : 9 ] . وهذا إنما يكون لشيء محسوس .

قال القرطبي : فالميزان حق ، وليس هو في حق كل أحد ، بدليل قوله تعالى . يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام [ الرحمن : 41 ] . وقوله صلى الله عليه وسلم : " فيقول الله : يا محمد ، أدخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن ، وهم شركاء الناس فيما سواه من الأبواب " .

[ ص: 515 ] قلت : وقد تواترت الأخبار في السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ، لكن يلزم من هذا أن لا توزن أعمالهم ، وفي هذا نظر ، والله أعلم . وقد توزن أعمال الشهداء ، وإن كانت راجحة; لإظهار شرفهم وفضلهم على رءوس الأشهاد ، والتنويه بسعادتهم ونجاتهم ، وإن كانوا لا حساب عليهم . وأما الكفار فتوزن أعمالهم ، وإن لم يكن لهم حسنات تنفعهم يقابل بها كفرهم ، فإن حسناتهم - ولو بلغت ما بلغت - لا تقابل كفرهم ولا توازنه ، وهي غير نافعة لهم ، فتوزن لإظهار شقائهم وتوبيخهم وفضيحتهم على رءوس الأشهاد . وقد جاء في الحديث : " إن الله لا يظلم أحدا حسنة ، أما الكافر فيطعمه بحسناته في الدنيا ، حتى يوافي الله وليس له حسنة يجزيه بها " .

وقد ذكر القرطبي في " التذكرة " أن الكافر قد يوافي يوم القيامة بصدقة وصلة رحم وعتق ، فيخفف الله عنه بذلك من عذابه ، واستشهد بقضية أبي طالب حين جعله الله في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه ، وفي هذا نظر; إذ قد يكون هذا خاصا به; لأجل حياطة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصرته له ، كما سقي أبو لهب في النقرة التي هي في ظهر الإبهام بسبب عتاقته ثويبة التي أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم واستدل القرطبي على ذلك بعموم قوله تعالى : ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا الآية [ الأنبياء : 47 ] .

قلت : وقصارى هذه الآية العموم ، فيخص من ذلك الكافرون ، وقد سئل [ ص: 516 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن جدعان ، : ذكر له أنه كان يقري الضيف ، ويطعم الجائع ، ويصل الرحم ، ويعتق ، فهل ينفعه ذلك؟ قال : " لا; إنه لم يقل يوما من الدهر : لا إله إلا الله " . وفي رواية : " لم يقل يوما : رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين . وقال تعالى : وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا [ الفرقان : 23 ] . وقال عن أعمال الكفار : والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب [ النور : 39 ] .

فَصْلٌ فِي إِبْرَازِ النِّيرَانِ ، وَالْجِنَانِ ، وَنَصْبِ الْمِيزَانِ ، وَمُحَاسَبَةِ الدَّيَّانِ
قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ [ الشُّعَرَاءِ : 90 ، 91 ] ، . وَقَالَ : وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ [ التَّكْوِيرِ : 12 - 14 ] . وَقَالَ تَعَالَى : يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ [ ق : 30 - 31 ] ، الْآيَاتِ . وَقَالَ تَعَالَى : وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ [ الْأَنْبِيَاءِ : 47 ] ، الْآيَةَ . وَقَالَ تَعَالَى : إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ [ النِّسَاءِ : 40 ] . وَقَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ فِيمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ : يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ [ لُقْمَانَ : 16 ] . وَالْآيَاتُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا .
---------------------------------
ذِكْرُ الْعَرْضِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتَطَايُرِ الصُّحُفِ وَمُحَاسَبَةِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ عِبَادَهُ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [ الْكَهْفِ : 48 - 49 ] . وَقَالَ تَعَالَى : وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ [ الزُّمَرِ : 69 ] إِلَى آخَرِ السُّورَةِ ، وَقَالَ تَعَالَى : وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ الْآيَةَ . [ الْأَنْعَامِ : 94 ] وَقَالَ تَعَالَى : وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ [ يُونُسَ : 28 - 30 ] ، وَقَالَ تَعَالَى : وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ . إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِيَ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا الْآيَةَ [ الْأَنْعَامِ وَقَالَ تَعَالَى : يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ[ الْحَاقَّةِ : 18 ] . وَالْآيَاتُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا ، وَسَيَأْتِي فِي كُلِّ مَوْطِنٍ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ .

وَتَقَدَّمَ فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " إِنَّكُمْ مُلَاقُو اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ " [ الْأَنْبِيَاءِ : 104 ] وَعَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَغَيْرِهِمَا نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ .

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ الْأَصَمُّ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يُعْرَضُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَ عَرَضَاتٍ ; فَعَرْضَتَانِ جِدَالٌ وَمَعَاذِيرُ ، وَعَرْضَةٌ تَطَايُرُ الصُّحُفِ ، فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ، وَحُوسِبَ حِسَابًا يَسِيرًا ، دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشَمَالِهِ دَخَلَ النَّارَ " .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَلِيِّ بْنِ رِفَاعَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يُعْرَضُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَ عَرَضَاتٍ ، فَأَمَّا عَرْضَتَانِ فَجِدَالٌ وَمَعَاذِيرُ ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَعِنْدَهَا تَطِيرُ الصُّحُفُ فِي الْأَيْدِي ، فَآخِذٌ بِيَمِينِهِ وَآخِذٌ بِشِمَالِهِ " . وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ وَكِيعٍ ، بِهِ
وَالْعَجَبُ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ ، عَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ ، ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ : وَلَا يَصِحُّ هَذَا ؛ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ . قَالَ : وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

قُلْتُ : الْحَسَنُ قَدْ رَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ .
وَقَدْ وَقَعَ فِي " مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ " التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَقَدْ يَكُونُ الْحَدِيثُ عِنْدَهُ عَنْ أَبِي مُوسَى ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ فَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، مِنْ قَوْلِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً . وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ [ ص: 8 ] أَنَّهُ أَنْشَدَ فِي ذَلِكَ شِعْرًا :

وَطَارَتِ الصُّحُفُ فِي الْأَيْدِي مُنَشَّرَةً فِيهَا السَّرَائِرُ وَالْجَبَّارُ مُطَّلِعُ فَكَيْفَ سَهْوُكَ وَالْأَنْبَاءُ وَاقِعَةٌ
عَمَّا قَلِيلٍ وَلَا تَدْرِي بِمَا تَقَعُ إِمَّا الْجِنَانُ وَفَوْزٌ لَا انْقِطَاعَ لَهُ
أَوِ الْجَحِيمُ فَلَا تُبْقِي وَلَا تَدْعُ تَهْوِي بِسَاكِنِهَا طَوْرًا وَتَرْفَعُهُمْ
إِذَا رَجَوْا مَخْرَجًا مِنْ غَمِّهَا قُمِعُوا طَالَ الْبُكَاءُ فَلَمْ يَرْحَمْ تَضَرُّعَهُمْ
فِيهَا وَلَا رِقَّةٌ تُغْنِي وَلَا جَزَعُ لَيَنْفَعُ الْعِلْمُ قَبْلَ الْمَوْتِ عَالِمَهُ
قَدْ سَالَ قَوْمٌ بِهَا الرُّجْعَى فَمَا رَجَعُوا وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ : يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا وَيَصْلَى سَعِيرًا إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا [ الِانْشِقَاقِ : 6 - 15 ] .

قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا هَلَكَ " . فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ [ الِانْشِقَاقِ : 7 ، 8 ] ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّمَا ذَلِكَ الْعَرْضُ ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُنَاقَشُ الْحِسَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا [ ص: 9 ] عُذِّبَ " . أَشَارَ إِلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ نَاقَشَ الْعِبَادَ فِي حِسَابِهِ لَهُمْ ، لَعَذَّبَهُمْ كُلَّهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ ، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى يَعْفُو وَيَصْفَحُ وَيَغْفِرُ ، وَيَسْتُرُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي النَّجْوَى : " يُدْنِي اللَّهُ الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ ، ثُمَّ يُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ ، حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : إِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا ، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ " .

فَصْلٌ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ الْآيَاتِ [ الْوَاقِعَةِ : 6 - 12 ] . فَإِذَا نُصِبَ كُرْسِيُّ فَصْلِ الْقَضَاءِ انْمَازَ الْكَافِرُونَ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْمَوْقِفِ إِلَى نَاحِيَةِ الشِّمَالِ ، وَبَقِيَ الْمُؤْمِنُونَ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ [ يس : 59 ] . وَقَالَ تَعَالَى : ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ الْآيَةَ [ يُونُسَ : 28 ] ، وَقَالَ تَعَالَى : وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [ الْجَاثِيَةِ : 28 ] . فَالْخَلْقُ كُلُّهُمْ قِيَامٌ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَالْعَرَقُ قَدْ غَمَرَ أَكْثَرَهُمْ ، وَبَلَغَ الْجَهْدُ مِنْهُمْ كُلَّ مَبْلَغٍ ، وَالنَّاسُ فِيهِ بِحَسَبِ الْأَعْمَالِ ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَحَادِيثِ ، خَاضِعِينَ ، صَامِتِينَ ، لَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ تَعَالَى ، وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الْأَنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ ، حَوْلَهُمْ أُمَمُهُمْ ، وَكِتَابُ الْأَعْمَالِ قَدِ اشْتَمَلَ عَلَى عَمَلِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ، مَوْضُوعٌ لَا يُغَادِرُ [ ص: 10 ] صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ، مِمَّا كَانَ يَعْمَلُ الْخَلْقُ وَأَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَكَتَبَتْهُ عَلَيْهِمُ الْحَفَظَةُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ [ الْقِيَامَةِ : 13 - 15 ] . وَقَالَ تَعَالَى : وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا [ الْإِسْرَاءِ : 13 ، 14 ] . قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : لَقَدْ أَنْصَفَكَ يَا بْنَ آدَمَ ، مَنْ جَعَلَكَ حَسِيبَ نَفْسِكَ . وَالْمِيزَانُ مَنْصُوبٌ لِوَزْنِ أَعْمَالِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، وَالصِّرَاطُ قَدْ مُدَّ عَلَى مَتْنِ جَهَنَّمَ ، وَالْمَلَائِكَةُ مُحْدِقُونَ بِبَنِي آدَمَ وَبِالْجِنِّ ، وَقَدْ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ ، وَأُزْلِفَتْ دَارُ النَّعِيمِ ، وَتَجَلَّى الرَّبُّ سُبْحَانَهُ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ ، وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا ، وَقُرِئَتِ الصُّحُفُ ، وَشَهِدَتْ عَلَى بَنِي آدَمَ الْمَلَائِكَةُ بِمَا فَعَلُوا ، وَالْأَرْضُ بِمَا عَمِلُوا عَلَى ظَهْرِهَا ، فَمَنِ اعْتَرَفَ مِنْهُمْ ، وَإِلَّا خُتِمَ عَلَى فِيهِ ، وَنَطَقَتْ جَوَارِحُهُ بِمَا عَمِلَ بِهَا فِي أَوْقَاتِ عَمَلِهِ ، مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ .

وَقَالَ تَعَالَى عَنِ الْأَرْضِ : يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا [ الزَّلْزَلَةِ : 4 ، 5 ]وَقَالَ تَعَالَى : وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ الْآيَاتُ إِلَى قَوْلِهِ : فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ [ فُصِّلَتْ : 19 - 23 ] . وَقَالَ تَعَالَى : يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ [ النُّورِ : 24 ، 25 ]وَقَالَ تَعَالَى : الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ إِلَى قَوْلِهِ : وَلَا يَرْجِعُونَ [ يس : 65 - 67 ] وَقَالَ تَعَالَى : وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا [ ص: 11 ] [ طه : 111 ، 112 ] . أَيْ لَا يُنْقَصُ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْءٌ ، وَهُوَ الْهَضْمُ ، وَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ مِنْ سَيِّئَاتِ غَيْرِهِ ، وَهُوَ الظُّلْمُ .

-----------


ذكر العرض على الله عز وجل يوم القيامة وتطاير الصحف ومحاسبة الرب عز وجل عباده

قال الله تعالى : وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا [ الكهف : 48 - 49 ] . وقال تعالى : وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق [ الزمر : 69 ] إلى آخر السورة ، وقال تعالى : ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم الآية . [ الأنعام : 94 ] وقال تعالى : ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون [ يونس : 28 - 30 ] ، وقال تعالى : ويوم نحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس . إلى قوله تعالى : ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا الآية [ الأنعام 128 - 130 ] . وقال تعالى : يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية [ ص: 6 ] [ الحاقة : 18 ] . والآيات في هذا كثيرة جدا ، وسيأتي في كل موطن ما يتعلق به من آيات القرآن .

وتقدم في " صحيح البخاري " عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إنكم ملاقو الله حفاة عراة غرلا كما بدأنا أول خلق نعيده " [ الأنبياء : 104 ] . وعن عائشة وأم سلمة وغيرهما نحو ما تقدم .

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا أبو نصر التمار ، حدثنا عقبة الأصم ، عن الحسن ، قال : سمعت أبا موسى الأشعري ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات ; فعرضتان جدال ومعاذير ، وعرضة تطاير الصحف ، فمن أوتي كتابه بيمينه ، وحوسب حسابا يسيرا ، دخل الجنة ، ومن أوتي كتابه بشماله دخل النار " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا علي بن علي بن رفاعة ، عن الحسن ، عن أبي موسى الأشعري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات ، فأما عرضتان فجدال ومعاذير ، وأما الثالثة فعندها تطير الصحف في الأيدي ، فآخذ بيمينه وآخذ بشماله " . وكذا رواه ابن ماجه ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن وكيع ، به .

[ ص: 7 ] والعجب أن الترمذي روى هذا الحديث عن أبي كريب ، عن وكيع ، عن علي بن علي ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله ، ثم قال الترمذي : ولا يصح هذا ؛ من قبل أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة . قال : وقد رواه بعضهم عن علي بن علي ، عن الحسن ، عن أبي موسى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

قلت : الحسن قد روى له البخاري عن أبي هريرة مقرونا بغيره .

وقد وقع في " مسند الإمام أحمد " التصريح بسماع الحسن من أبي هريرة ، فالله أعلم . وقد يكون الحديث عنده عن أبي موسى ، وأبي هريرة ، والله أعلم .

وأما الحافظ البيهقي فرواه من طريق مروان الأصفر ، عن أبي وائل ، عن عبد الله بن مسعود ، من قوله مثله سواء . وقد روى ابن أبي الدنيا عن ابن المبارك [ ص: 8 ] أنه أنشد في ذلك شعرا :




وطارت الصحف في الأيدي منشرة فيها السرائر والجبار مطلع فكيف سهوك والأنباء واقعة
عما قليل ولا تدري بما تقع إما الجنان وفوز لا انقطاع له
أو الجحيم فلا تبقي ولا تدع تهوي بساكنها طورا وترفعهم
إذا رجوا مخرجا من غمها قمعوا طال البكاء فلم يرحم تضرعهم
فيها ولا رقة تغني ولا جزع لينفع العلم قبل الموت عالمه
قد سال قوم بها الرجعى فما رجعوا وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز : يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا ويصلى سعيرا إنه كان في أهله مسرورا إنه ظن أن لن يحور بلى إن ربه كان به بصيرا [ الانشقاق : 6 - 15 ] .

قال البخاري في " صحيحه " : حدثنا إسحاق بن منصور ، حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا حاتم بن أبي صغيرة ، حدثنا عبد الله بن أبي مليكة ، حدثني القاسم بن محمد ، حدثتني عائشة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك " . فقلت : يا رسول الله ، أليس قد قال الله تعالى : فأما من أوتي كتابه بيمينه [ الانشقاق : 7 ، 8 ] ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما ذلك العرض ، وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا [ ص: 9 ] عذب " . أشار إلى أن الله تعالى لو ناقش العباد في حسابه لهم ، لعذبهم كلهم وهو غير ظالم لهم ، ولكنه تعالى يعفو ويصفح ويغفر ، ويستر في الدنيا والآخرة ، كما في حديث ابن عمر في النجوى : " يدني الله العبد يوم القيامة حتى يضع عليه كنفه ، ثم يقرره بذنوبه ، حتى إذا ظن أنه قد هلك ، قال الله تعالى : إني قد سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم " .

فصل : قال الله تعالى : فكانت هباء منبثا وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم الآيات [ الواقعة : 6 - 12 ] . فإذا نصب كرسي فصل القضاء انماز الكافرون عن المؤمنين في الموقف إلى ناحية الشمال ، وبقي المؤمنون عن يمين العرش ، ومنهم من يكون بين يديه ، قال الله تعالى : وامتازوا اليوم أيها المجرمون [ يس : 59 ] . وقال تعالى : ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم الآية [ يونس : 28 ] ، وقال تعالى : وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون [ الجاثية : 28 ] . فالخلق كلهم قيام لرب العالمين بين يديه ، والعرق قد غمر أكثرهم ، وبلغ الجهد منهم كل مبلغ ، والناس فيه بحسب الأعمال ، كما تقدم في الأحاديث ، خاضعين ، صامتين ، لا يتكلم أحد إلا بإذنه تعالى ، ولا يتكلم يومئذ إلا الأنبياء والرسل ، حولهم أممهم ، وكتاب الأعمال قد اشتمل على عمل الأولين والآخرين ، موضوع لا يغادر [ ص: 10 ] صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، مما كان يعمل الخلق وأحصاه الله ونسوه وكتبته عليهم الحفظة ، كما قال تعالى : ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره [ القيامة : 13 - 15 ] . وقال تعالى : وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا [ الإسراء : 13 ، 14 ] . قال الحسن البصري : لقد أنصفك يا بن آدم ، من جعلك حسيب نفسك . والميزان منصوب لوزن أعمال الخير والشر ، والصراط قد مد على متن جهنم ، والملائكة محدقون ببني آدم وبالجن ، وقد برزت الجحيم ، وأزلفت دار النعيم ، وتجلى الرب سبحانه لفصل القضاء بين عباده ، وأشرقت الأرض بنور ربها ، وقرئت الصحف ، وشهدت على بني آدم الملائكة بما فعلوا ، والأرض بما عملوا على ظهرها ، فمن اعترف منهم ، وإلا ختم على فيه ، ونطقت جوارحه بما عمل بها في أوقات عمله ، من ليل أو نهار .

وقال تعالى عن الأرض : يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها [ الزلزلة : 4 ، 5 ] ، وقال تعالى : ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون الآيات إلى قوله : فأصبحتم من الخاسرين [ فصلت : 19 - 23 ] . وقال تعالى : يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين [ النور : 24 ، 25 ] ، وقال تعالى : اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون إلى قوله : ولا يرجعون [ يس : 65 - 67 ] ، وقال تعالى : وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما [ ص: 11 ] [ طه : 111 ، 112 ] . أي لا ينقص من حسناته شيء ، وهو الهضم ، ولا يحمل عليه من سيئات غيره ، وهو الظلم .






------

[ ص: 17 ] فَصْلٌ ( أَوَّلُ مَا يَقْضِي اللَّهُ فِيهِ الدِّمَاءُ )

قَالَ فِي حَدِيثِ الصُّورِ : " ثُمَّ يَقْضِي اللَّهُ بَيْنَ الْعِبَادِ ، فَيَكُونُ أَوَّلَ مَا يَقْضِي فِيهِ الدِّمَاءُ " . وَهَذَا هُوَ الْوَاقِعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَهُوَ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ يَفْرُغَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنَ الْفَصْلِ بَيْنَ الْبَهَائِمِ ، يَشْرَعُ فِي الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [ يُونُسَ : 47 ] .

وَيَكُونُ أَوَّلَ الْأُمَمِ يَقْضِي بَيْنَهُمْ هَذِهِ الْأُمَّةُ ; لِشَرَفِ نَبِيِّهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَضْلِهَا ، كَمَا أَنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ يَجُوزُ عَلَى الصِّرَاطِ ، وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ ، كَمَا ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ هَمَّامٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " . وَفِي رِوَايَةٍ : " الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلَائِقِ " .

وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " نَحْنُ آخِرُ الْأُمَمِ ، وَأَوَّلُ مَنْ يُحَاسَبُ ، يُقَالُ : أَيْنَ [ ص: 18 ] الْأُمَّةُ الْأُمِّيَّةُ وَنَبِيُّهَا ؟ فَنَحْنُ الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ " .


-------

فَصْلٌ ( حَالُ النَّاسِ عِنْدَ أَخْذِ الْكِتَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ [ آلِ عِمْرَانَ : 106 ] . وَقَالَ تَعَالَى : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ [ الْقِيَامَةِ : 22 - 25 ] . وَقَالَ تَعَالَى : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ [ ص: 48 ] [ عَبَسَ : 38 - 42 ] . وَقَالَ تَعَالَى : لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [ يُونُسَ 26 ، 27 ] .

وَقَالَ الْبَزَّارُ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ ، قَالَا : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ، عَنْ إِسْرَائِيلَ ، عَنِ السُّدِّيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ [ الْإِسْرَاءِ : 71 ] .

قَالَ : " يُدْعَى أَحَدُهُمْ فَيُعْطَى كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ، وَيُمَدُّ لَهُ فِي جِسْمِهِ ، وَيُبَيَّضُ وَجْهُهُ ، وَيُجْعَلُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ تَتَلَأْلَأُ ، فَيَنْطَلِقُ إِلَى أَصْحَابِهِ ، فَيَرَوْنَهُ مِنْ بَعِيدٍ ، فَيَقُولُونَ : اللَّهُمَّ ائْتِنَا بِهَذَا ، وَبَارِكْ لَنَا فِي هَذَا . فَيَأْتِيهِمْ ، فَيَقُولُ : أَبْشِرُوا ، فَإِنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مِثْلَ هَذَا . وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُسَوَّدُ وَجْهُهُ ، وَيُمَدُّ لَهُ فِي جِسْمِهِ ، فَيَرَاهُ أَصْحَابُهُ ، فَيَقُولُونَ : نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ هَذَا ، وَمِنْ شَرِّ هَذَا ، اللَّهُمَّ لَا تَأْتِنَا بِهِ . فَيَأْتِيهِمْ ، فَيَقُولُونَ : اللَّهُمَّ أَخْزِهِ . فَيَقُولُ : أَبْعَدَكُمُ اللَّهُ ، فَإِنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ مِثْلَ هَذَا " . ثُمَّ قَالَ : لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ .

وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى الْعَبْسِيِّ ، بِهِ .

[ ص: 49 ] وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ ، وَلَا شُهَدَاءَ ، يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمَكَانِهِمْ مِنَ اللَّهِ " . قَالُوا : يَا رَسُولُ اللَّهِ ، فَخَبِّرْنَا مَنْ هُمْ ؟ قَالَ : " هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ ، وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا ، فَوَاللَّهِ إِنَّ لِوُجُوهِهِمْ لَنُورًا ، وَإِنَّهُمْ لَعَلَى كَرَاسِيَّ مِنْ نُورٍ ، لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ " : وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ : أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [ يُونُسَ : 62 - 64 ] .

وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا ، عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ ، وَهُوَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ، أَنَّهُ قَالَ : إِذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ : خُذُوهُ فَغُلُّوهُ [ الْحَاقَّةِ : 30 ] . ابْتَدَرَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ ، فَتُسْلَكُ السِّلْسِلَةُ مِنْ فِيهِ ، فَتَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ ، فَيُنْظَمُ فِي السِّلْسِلَةِ كَمَا يُنْظَمُ الْخَرَزُ فِي الْخَيْطِ ، وَيُغْمَسُ فِي النَّارِ غَمْسَةً ، فَيَخْرُجُ عِظَامًا ، فَتَقَعْقَعُ ، ثُمَّ تُسْجَرُ تِلْكَ الْعِظَامُ فِي النَّارِ ، ثُمَّ يُعَادُ غَضًّا طَرِيًّا .

وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِذَا قَالَ اللَّهُ : خُذُوهُ . ابْتَدَرَهُ أَكْثَرُ مِنْ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ . وَعَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ قَالَ : لَا يَبْقَى شَيْءٌ إِلَّا ذَمَّهُ ، فَيَقُولُ : أَمَا [ ص: 50 ] تَرْحَمُنِي ؟ فَيَقُولُ : كَيْفَ أَرْحَمُكَ ، وَلَمْ يَرْحَمْكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ؟! .
--------------


[ ص: 56 ] ذِكْرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ

قَالَ الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٍ ( ح ) وَحَدَّثَنَا أَسِيدُ بْنُ زَيْدٍ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، فَقَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ ، فَأَجِدُ النَّبِيَّ يَمُرُّ مَعَهُ الْأُمَّةُ ، وَالنَّبِيَّ يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ ، وَالنَّبِيَّ يَمُرُّ مَعَهُ الْعَشَرَةُ ، وَالنَّبِيَّ يَمُرُّ مَعَهُ الْخَمْسَةُ ، وَالنَّبِيَّ يَمُرُّ وَحْدَهُ ، فَنَظَرْتُ ، فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ ، قُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، هَؤُلَاءِ أُمَّتِي ؟ قَالَ : لَا ، وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ . فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ ، قَالَ : هَؤُلَاءِ أُمَّتُكَ ، وَهَؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا قُدَّامَهُمْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ ، وَلَا عَذَابَ . قُلْتُ : وَلِمَ ؟ قَالَ : كَانُوا لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ " . فَقَامَ إِلَيْهِ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ ، فَقَالَ : ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ . قَالَ : " اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ " . ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ ، فَقَالَ : ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ . قَالَ : " سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ " .

[ ص: 57 ] وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ ، عَنْ هُشَيْمٍ بِهِ ، بِنَحْوِهِ ، وَهُوَ أَطْوَلُ مِنْ هَذَا .

ثُمَّ أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ ، وَقَالَ فِيهِ : ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مَنَ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ : ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ . فَقَالَ : " سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ " .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " سَأَلْتُ رَبِّي ، عَزَّ وَجَلَّ ، فَوَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، فَاسْتَزَدْتُ فَزَادَنِي مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعِينَ أَلْفًا ، فَقُلْتُ : أَيْ رَبِّ ، إِنْ لَمْ يَكُنْ هَؤُلَاءِ مُهَاجِرِي أُمَّتِي ؟ قَالَ : إِذَنْ أُكْمِلَهُمْ لَكَ مِنَ الْأَعْرَابِ " .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ ، عَنْ زِيَادٍ الْمَخْزُومِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، أَوَّلُ زُمْرَةٍ مِنْ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ سَبْعُونَ أَلْفًا لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ ، صُورَةُ كُلِّ رَجُلٍ [ ص: 58 ] مِنْهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ ضَوْءِ كَوْكَبٍ فِي السَّمَاءِ ، ثُمَّ هُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مَنَازِلُ " .

ثُمَّ رَوَاهُ أَحْمَدُ ، عَنْ حَسَنٍ ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ ، عَنْ أَبِي يُونُسَ سُلَيْمِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ .

وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَفِيهِ ذِكْرُ عُكَّاشَةَ .

وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، كَمَا سَيَأْتِي .

حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا ، أَوْ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ - شَكَّ فِي أَحَدِهِمَا - مُتَمَاسِكِينَ آخِذٌ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ ، حَتَّى يَدْخُلَ أَوَّلُهُمْ وَآخِرُهُمُ الْجَنَّةَ ، وُجُوهُهُمْ عَلَى ضَوْءِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ " .

وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ ، عَنْ قُتَيْبَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، بِهِ .

[ ص: 59 ] حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ ، حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ الْأَخْنَسِ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أُعْطِيتُ سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ، وُجُوهُهُمْ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، وَقُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، فَاسْتَزَدْتُ رَبِّي ، عَزَّ وَجَلَّ ، فَزَادَنِي مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ سَبْعِينَ أَلْفًا " . قَالَ أَبُو بَكْرٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فَرَأَيْتُ أَنَّ ذَلِكَ آتٍ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى ، وَمُصِيبٌ مِنْ حَافَاتِ الْبَوَادِي .

حَدِيثٌ آخَرُ : وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ زِرٍّ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيَ الْأُمَمَ بِالْمَوْسِمِ ، فَرَاثَتْ عَلَيْهِ أُمَّتُهُ ، قَالَ : " فَأُرِيتُ أُمَّتِي ، فَأَعْجَبَنِي كَثْرَتُهُمْ ، قَدْ مَلَئُوا السَّهْلَ وَالْجَبَلَ ، فَقِيلَ لِي : إِنَّ مَعَ هَؤُلَاءِ سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ، هُمُ الَّذِينَ لَا يَكْتَوُونَ ، وَلَا يَسْتَرْقُونَ ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ " . فَقَالَ عُكَّاشَةُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ . فَدَعَا لَهُ ، ثُمَّ قَامَ - يَعْنِي آخَرَ - فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ . فَقَالَ : " سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ " . قَالَ الْحَافِظُ الضِّيَاءُ : هَذَا عِنْدِي عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ .

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ : قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ، [ ص: 60 ] عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : أَكْثَرْنَا الْحَدِيثَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، ثُمَّ غَدَوْنَا عَلَيْهِ ، فَقَالَ : " عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأَنْبِيَاءُ اللَّيْلَةَ بِأُمَمِهَا ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ يَمُرُّ وَمَعَهُ الثَّلَاثَةُ ، وَالنَّبِيُّ وَمَعَهُ الْعِصَابَةُ ، وَالنَّبِيُّ وَمَعَهُ النَّفَرُ ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ ، حَتَّى مَرَّ عَلَيَّ مُوسَى مَعَهُ كَبْكَبَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَأَعْجَبُونِي ، فَقُلْتُ : مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ فَقِيلَ لِي : هَذَا أَخُوكَ مُوسَى ، مَعَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ . قَالَ : فَقُلْتُ : فَأَيْنَ أُمَّتِي ؟ فَقِيلَ لِي : انْظُرْ عَنْ يَمِينِكَ . فَنَظَرْتُ ، فَإِذَا الظِّرَابُ قَدْ سُدَّ بِوُجُوهِ الرِّجَالِ ، ثُمَّ قِيلَ لِي : انْظُرْ عَنْ يَسَارِكَ فَنَظَرْتُ فَإِذَا الْأُفُقُ قَدْ سُدَّ بِوُجُوهِ الرِّجَالِ ، فَقِيلَ لِي : أَرَضِيتَ ؟ فَقُلْتُ : رَضِيتُ يَا رَبِّ ، رَضِيتُ يَا رَبِّ . فَقِيلَ لِي : إِنَّ مَعَ هَؤُلَاءِ سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ " . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فِدًى لَكُمْ أَبِي وَأُمِّي ، إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِنَ السَّبْعِينَ أَلْفًا فَافْعَلُوا ، فَإِنْ قَصَّرْتُمْ فَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الظِّرَابِ ، فَإِنْ قَصَّرْتُمْ فَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْأُفُقِ ، فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ ثَمَّ نَاسًا يَتَهَاوَشُونُ " . فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ ، فَقَالَ : ادْعُ اللَّهَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنْ يَجْعَلَنِي مِنَ السَّبْعِينَ أَلْفًا . فَدَعَا لَهُ ، فَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ ، فَقَالَ : ادْعُ اللَّهَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ . فَقَالَ : " قَدْ سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ " . قَالَ : ثُمَّ تَحَدَّثْنَا فَقُلْنَا : مَنْ تَرَوْنَ هَؤُلَاءِ السَّبْعِينَ الْأَلْفَ ؟ [ ص: 61 ] قَوْمٌ وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ ، لَمْ يُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا ، حَتَّى مَاتُوا ؟ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : " هُمُ الَّذِينَ لَا يَكْتَوُونَ ، وَلَا يَسْتَرْقُونَ ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ " .

حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ الطَّبَرَانِيُّ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُذُوعِيُّ ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ " . قِيلَ : مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " هُمُ الَّذِينَ لَا يَكْتَوُونَ ، وَلَا يَسْتَرْقُونَ ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ " .

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ خَلَفٍ ، عَنِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ ، بِهِ ، وَعِنْدَهُ ذِكْرُ عُكَّاشَةَ ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ : " يَتَطَيَّرُونَ " .

وَقَالَ الْحَافِظُ الضِّيَاءُ : وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقٍ .

حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ [ ص: 62 ] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَذَكَرَ حَدِيثًا ، وَفِيهِ : " فَتَنْجُو أَوَّلُ زُمْرَةٍ ، وُجُوهُهُمْ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، سَبْعُونَ أَلْفًا لَا يُحَاسَبُونَ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ كَأَضْوَأِ نَجْمٍ فِي السَّمَاءِ ، ثُمَّ كَذَلِكَ " . وَذَكَرَ بَقِيَّتَهُ .

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ ، مِنْ حَدِيثِ رَوْحٍ ، فَلَمْ يَرْفَعْهُ . وَقَدْ رَوَى الْبَزَّارُ عَنْ عُمَرَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، نَحْوَ الَّذِي قَبْلَهُ سَوَاءً .

حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ الْبَزَّارُ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِرْدَاسٍ ، حَدَّثَنَا مُبَارَكٌ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : " سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ، هُمُ الَّذِينَ لَا يَكْتَوُونَ ، وَلَا يَسْتَرْقُونَ ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ " .

حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ الْبَزَّارُ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمِ الْعَبَّادَانِيُّ ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا ، مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ السَّبْعِينَ أَلْفًا سَبْعُونَ أَلْفًا " . وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأُلُوفِ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ [ ص: 63 ] الْآحَادِ ، وَهُوَ أَشْمَلُ وَأَكْثَرُ . وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ - أَوْ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَنَسٍ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ " . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : زِدْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : " وَهَكَذَا " . وَجَمَعَ كَفَّيْهِ . فَقَالَ : زِدْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : " وَهَكَذَا " . فَقَالَ عُمَرُ : حَسْبُكَ يَا أَبَا بَكْرٍ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : دَعْنِي يَا عُمَرُ ، وَمَا عَلَيْكَ أَنْ يُدْخِلَنَا اللَّهُ الْجَنَّةَ كُلَّنَا ؟! فَقَالَ عُمَرُ : إِنَّ اللَّهَ إِنْ شَاءَ أَدْخَلَ خَلْقَهُ الْجَنَّةَ بِكَفٍّ وَاحِدٍ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " صَدَقَ عُمَرُ " .

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ : قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ السَّرِيِّ السُّلَمِيُّ ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا " . قَالُوا : زِدْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : " لِكُلِّ رَجُلٍ سَبْعُونَ أَلْفًا " . قَالُوا : زِدْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ . وَكَانَ عَلَى كَثِيبٍ ، فَحَثَا بِيَدِهِ ، قَالُوا : زِدْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ : " وَهَكَذَا " . وَحَثَا بِيَدِهِ . قَالُوا : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، أَبْعَدَ اللَّهُ مَنْ دَخَلَ النَّارَ بَعْدَ هَذَا .

قَالَ الْحَافِظُ الضِّيَاءُ : لَا أَعْلَمُهُ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ . وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ مَعِينٍ عَنْ عَبْدِ الْقَاهِرِ ، فَقَالَ : صَالِحٌ .

[ ص: 64 ] حَدِيثٌ آخَرُ غَرِيبٌ : قَالَ الطَّبَرَانِيُّ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَنْدَهْ الْأَصْبَهَانِيُّ ، قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ مِنْ أُمَّتِي ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفٍ الْجَنَّةَ " . فَقَالَ عُمَيْرٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، زِدْنَا . فَقَالَ " وَهَكَذَا " . بِيَدِهِ . فَقَالَ عُمَيْرٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، زِدْنَا . فَقَالَ عُمَرُ : حَسْبُكَ يَا عُمَيْرُ . فَقَالَ : مَا لَنَا وَلَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ، وَمَا عَلَيْكَ أَنْ يُدْخِلَنَا اللَّهُ تَعَالَى الْجَنَّةَ ؟ فَقَالَ عُمَرُ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنْ شَاءَ أَدْخَلَ النَّاسَ الْجَنَّةَ بِحَفْنَةٍ أَوْ بِحَثْيَةٍ وَاحِدَةٍ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " صَدَقَ عُمَرُ " .
قَالَ الْحَافِظُ الضِّيَاءُ : لَا أَعْرِفُ لِعُمَيْرٍ حَدِيثًا غَيْرَهُ .
حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ زِيَادٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( ح ) وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَلَّى الدِّمَشْقِيُّ ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ قَالَا : حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا ، مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعِينَ أَلْفًا ، لَا حِسَابَ [ ص: 65 ] عَلَيْهِمْ وَلَا عَذَابَ ، وَثَلَاثَ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ " . وَاللَّفْظُ لِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، وَلَيْسَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ : " مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعِينَ أَلْفًا " .
طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ : قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ : حَدَّثَنَا دُحَيْمٌ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ ، وَأَبِي الْيَمَانِ الْهَوْزَنِيِّ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ " . قَالَ يَزِيدُ بْنُ الْأَخْنَسِ : وَاللَّهِ مَا أُولَئِكَ فِي أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا مِثْلَ الذُّبَابِ الْأَصْهَبِ فِي الذِّبَّانِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَنِي سَبْعِينَ أَلْفًا ، مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعِينَ أَلْفًا ، وَزَادَنِي ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ " .

قَالَ الضِّيَاءُ : رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا الْهَوْزَنِيَّ ، وَاسْمُهُ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لُحَيٍّ ، وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ جَرْحًا .

حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ الطَّبَرَانِيُّ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خُلَيْدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ يَقُولُ : حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ زَيْدٍ الْبِكَالِيُّ ، أَنَّهُ سَمِعَ عُتْبَةَ بْنَ عَبْدٍ السُّلَمِيَّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ رَبِّي وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ، [ ص: 66 ] ثُمَّ يَشْفَعَ كُلُّ أَلْفٍ لِسَبْعِينَ أَلْفًا ، ثُمَّ يَحْثِي رَبِّي تَعَالَى بِكَفَّيْهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ " فَكَبَّرَ عُمَرُ ، وَقَالَ : إِنَّ السَّبْعِينَ الْأُولَى يُشَفِّعُهُمُ اللَّهُ فِي آبَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ ، وَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَنِي اللَّهُ فِي أَحَدِ الْحَثَيَاتِ الْأَوَاخِرِ .
قَالَ الْحَافِظُ الضِّيَاءُ : لَا أَعْلَمُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عِلَّةً ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ - يَعْنِي الدَّسْتُوَائِيَّ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ رِفَاعَةَ الْجُهَنِيَّ حَدَّثَهُ ، قَالَ : أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْكَدِيدِ ، أَوْ قَالَ : بِقُدَيْدٍ . فَذَكَرَ حَدِيثًا فِيهِ : ثُمَّ قَالَ : " وَعَدَنِي رَبِّي ، عَزَّ وَجَلَّ ، أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يَدْخُلُوهَا حَتَّى تَبَوَّءُوا أَنْتُمْ ، وَمَنْ صَلَحَ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَذَرَارِيِّكُمْ مَسَاكِنَ فِي الْجَنَّةِ "
وَرَوَاهُ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، عَنْ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ ، عَنْ شَيْبَانَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، بِهِ . قَالَ الْحَافِظُ الضِّيَاءُ : هَذَا عِنْدِي عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ .

حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ الطَّبَرَانِيُّ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ زِبْرِيقٍ [ ص: 67 ] الْحِمْصِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ زُرْعَةَ ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ ، عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ رَبِّي وَعَدَنِي مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا لَا يُحَاسَبُونَ ، مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا " .

حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ الطَّبَرَانِيُّ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خُلَيْدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ يَقُولُ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ ، أَنَّ قَيْسًا الْكِنْدِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْأَنْمَارِيَّ حَدَّثَهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ رَبِّي ، عَزَّ وَجَلَّ ، وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ، وَيَشْفَعَ كُلُّ أَلْفٍ لِسَبْعِينَ أَلْفًا ، ثُمَّ يَحْثِي رَبِّي ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ بِكَفَّيْهِ " .

قَالَ قَيْسٌ : فَقُلْتُ لِأَبِي سَعِيدٍ : أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، بِأُذُنِي‌‌‌‌ ، وَوَعَاهُ قَلْبِي . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ يَسْتَوْعِبُ مُهَاجِرِي أُمَّتِي ، وَيُوَفِّي اللَّهُ بَقِيَّتَهُ مِنْ أَعْرَابِنَا " .

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ : لَمْ يُرْوَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْأَنْمَارِيِّ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ ، تَفَرَّدَ بِهِ [ ص: 68 ] مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ .
وَقَالَ الْحَافِظُ الضِّيَاءُ : وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ ، عَنْ أَبِي تَوْبَةَ الرَّبِيعِ بْنِ نَافِعٍ ، بِإِسْنَادِهِ ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : فَحُسِبَ ذَلِكَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبَلَغَ أَرْبَعَةَ آلَافِ أَلْفِ أَلْفٍ وَتِسْعَمِائَةِ أَلْفٍ ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ يَسْتَوْعِبُ مُهَاجِرِي أُمَّتِي " .
حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ الْبَزَّارُ : حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ بَكْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ عِيسَى ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ عَطِيَّةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ " . فَقَامَ عُكَّاشَةُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ . فَقَالَ : " اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ " . فَقَالَ رَجُلٌ آخَرُ : ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ . قَالَ : " اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ " . فَسَكَتَ الْقَوْمُ ، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : لَوْ قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْهُمْ . قَالَ : " سَبَقَكُمْ بِهَا عُكَّاشَةُ وَصَاحِبُهُ ، أَمَّا إِنَّكُمْ لَوْ قُلْتُمْ لَقُلْتُ ، وَلَوْ قُلْتُ لَوَجَبَتْ " .
حَدِيثٌ آخَرُ : رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ " الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ " ، مِنْ حَدِيثِ [ ص: 69 ] الضَّحَّاكِ بْنِ نِبْرَاسٍ ، حَدَّثَنِي ثَابِتُ بْنُ أَسْلَمَ الْبُنَانِيُّ ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدِينِيِّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيِّ ، قَالَ : تَغَيَّبَ عَنَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا ، لَا يَخْرُجُ إِلَّا لِصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ ، ثُمَّ يَرْجِعُ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الرَّابِعِ خَرَجَ إِلَيْنَا ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، احْتَبَسْتَ عَنَّا ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ حَدَثٌ ؟ فَقَالَ : " إِنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ إِلَّا خَيْرٌ ، إِنَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ ، وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ الْمَزِيدَ ، فَوَجَدْتُ رَبِّي وَاجِدًا مَاجِدًا كَرِيمًا ، فَأَعْطَانِي مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ السَّبْعِينَ أَلْفًا سَبْعِينَ أَلْفًا " . قَالَ : " قُلْتُ : يَا رَبِّ ، وَتَبْلُغُ أُمَّتِي هَذَا ؟ قَالَ : أُكْمِلُ لَكَ الْعَدَدَ مِنَ الْأَعْرَابِ " . الضَّحَّاكُ هَذَا قَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ : مَتْرُوكٌ . وَتَقَدَّمَ فِي أَحَادِيثَ الْحَوْضِ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ ، وَفِيهِ : " وَبَشَّرَنِي أَنَّ مَعِيَ سَبْعِينَ أَلْفًا ، مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا لَيْسَ عَلَيْهِمْ حِسَابٌ " . رَوَاهُ أَحْمَدُ .

وَذَكَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي تَرْجَمَةِ عَامِرِ بْنِ عُمَيْرٍ ، وَكَانَ قَدْ شَهِدَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنِّي وَجَدْتُ رَبِّي مَاجِدًا ، أَعْطَانِي سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ، مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ سَبْعُونَ أَلْفًا . فَقُلْتُ : إِنَّ أُمَّتِي لَا تَبْلُغُ هَذَا ؟ فَقَالَ : أُكْمِلُهُمْ لَكَ مِنَ الْأَعْرَابِ " . قَالَ : رَوَاهُ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدَنِيِّ عَنْهُ . [ ص: 70 ]
حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ الطَّبَرَانِيُّ : حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ مَرْثَدٍ الطَّبَرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنِي ضَمْضَمُ بْنُ زُرْعَةَ ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَيَبْعَثَنَّ اللَّهُ مِنْكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْجَنَّةِ مِثْلَ اللَّيْلِ الْأَسْوَدِ زُمْرَةً ، جَمِيعُهَا يَخْبِطُونَ الْأَرْضَ ، تَقُولُ الْمَلَائِكَةُ : لَمَا جَاءَ مَعَ مُحَمَّدٍ أَكْثَرُ مِمَّا جَاءَ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ " .
 -------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق